تقنية

ماذا يعني تزاوج قدرات الكمبيوتر الكمومي بالذكاء الاصطناعي؟

منقول من اريبيان بزنس

ثورة “الكم” تغير وجه الحياة: حاسوب غوغل يحل معضلات تحتاج لـ 3 سنوات في ساعتين!

كشفت شركة غوغل مؤخراً عن شريحة كمومية باسم ويلو والتي تتمتع بقدرات هائلة وثبت أن الحواسيب الكمومية لم تعد مجرد أداة لإجراء تجارب معملية. فقد نجحت هذه الشريحة في إجراء عملية حسابية معقدة جدًا، احتاجت لأسرع حاسوب تقليدي عملاق في العالم حوالي 3.2 سنوات لإكمالها، لكن الحاسوب الكمومي الجديد أنجزها في ساعتين فقط! هذه القوة الحاسوبية الهائلة تعني اكتشاف الأدوية والعلاجات، وبدلاً من سنوات من التجارب والمحاكاة على الحواسيب التقليدية، يمكن للكمبيوتر الكمومي الآن محاكاة الجزيئات المعقدة في أيام أو ساعات. هذا سيسرّع بشكل كبير من اكتشاف علاجات جديدة للأمراض المستعصية، حيث سيتمكن العلماء من تصميم مواد جديدة أو أدوية مخصصة بدقة غير مسبوقة. يمكن استخدام هذه القوة لتصميم مواد جديدة أكثر كفاءة، مثل تحسين ألواح الطاقة الشمسية لتوليد طاقة أكبر بكثير أو تطوير بطاريات خارقة تدوم أطول وتُشحن أسرع. ومن حل المشكلات المتقدمة من إدارة المخاطر المالية، ونمذجة المناخ، إلى وتحسين مفاعلات البوليمر واكتشاف المواد الجديدة عبر هذه الأنظمة الهجينة. ولتقريب الصورة أجرى المعالج الفائق التوصيل ويلو، ذو الـ 65 كيوبت، محاكاة فيزيائية معقدة بسرعة مذهلة، حيث أتم المهمة في ما يزيد قليلاً عن ساعتين، وهو ما يجعله أسرع بـ 13000 مرة من فرونتير وهو أسرع حاسوب فائق كلاسيكي في العالم (يعادل قوة حوسبة من 100 ألف كمبيوتر شخصي عالي الأداء)، والذي كان سيستغرق حوالي 3.2 سنوات لإكمال نفس المهمة. يمثل هذا الإنجاز التطبيق الخوارزمي العملي الأول لغوغل، متجاوزًا الإنجازات السابقة في الأجهزة.

(فريق الكمبيوتر الفائق فرونتير وفريق تشغيله في مختبر أوك ريدج الوطني. حقوق الصورة: كارلوس جونز، مختبر أوك ريدج الوطني، وزارة الطاقة الأمريكية.)

ماذا يعني تزاوج قدرات الكمبيوتر الكمومي بالذكاء الاصطناعي؟

عندما يلتقي “الكم” بالذكاء الاصطناعي

التحول الأهم هو اندماج الحوسبة الكمومية مع الذكاء الاصطناعي (AI). هذا التزاوج ليس مجرد إضافة، بل هو “مضاعفة” لقوتهما، ومثلا، يستطيع الحاسوب الكمومي معالجة كميات ضخمة ومعقدة من بيانات الأسواق المالية أو بيانات المناخ العالمية التي لا يستطيع الذكاء الاصطناعي التقليدي استيعابها. هذا يمكن أن يؤدي إلى توقعات مالية أدق بكثير، ونماذج مناخية أكثر تفصيلاً يمكن أن تساعد الحكومات على الاستعداد للكوارث الطبيعية. وعلى صعيد القطاع اللوجستي، سيمكن هذا الاندماج من حل “معضلات التحسين” المعقدة جدًا، مثل تخطيط مسارات شحن عالمية لتقليل استهلاك الوقود والانبعاثات، أو إدارة سلاسل الإمداد في ظروف متغيرة بدقة فائقة. كذلك الحال مع الحماية بالتشفير والعملات المشفرة وكلمات المرور التي يمكن تجاوزها وكسرها بثوان من خلال الحوسبة الكمومية هائلة القوى.(صورتين بالذكاء الاصطناعي- أقوى كمبيوتر فائق وأحدث شريحة من غوغل).

المستقبل القريبماذا يعني تزاوج قدرات الكمبيوتر الكمومي بالذكاء الاصطناعي؟

كمبيوتر الكم في درجة حرارة الغرفة أحد العوائق الرئيسية للحواسيب الكمومية اليوم هو حاجتها إلى التبريد لدرجات حرارة شديدة الانخفاض (أبرد من الفضاء). لكن عام 2025 يحمل وعوداً بالحل: تعمل شركات مثل مايكروسوفت وشركات الحوسبة الفوتونية على تطوير أنواع جديدة من الحواسيب الكمومية، يمكنها العمل في درجة حرارة الغرفة. هذا التطور سيجعل بناء حواسيب كمومية ضخمة وموثوقة أسهل بكثير وأقل تكلفة، مما يفتح الباب لدخول هذه التقنية إلى مراكز البيانات وربما في نهاية المطاف إلى متناول الجميع. خرجت الحوسبة الكمومية من دائرة التجارب المعملية. نحن الآن على أعتاب مرحلة ستغير من طريقة تعاملنا مع التكنولوجيا جذريًا، من تصميم الأدوية إلى توقعات الطقس والأسواق، وستزداد هذه المكاسب الملموسة وضوحاً في السنوات القليلة القادمة.

هل تتدخل الحكومة الأمريكية؟

زعمت صحيفة وول ستريت جورنال أن البيت الأبيض يدرس خيار الاستحواذ على حصص في عدد من شركات الحوسبة الكمومية بهدف تعزيز موقع الولايات المتحدة في هذا المجال الاستراتيجي، إلا أن وزارة التجارة الأمريكية نفت صحة التقرير. ومع ذلك، يثير الخبر تساؤلات حول الواقع الراهن لتقنية الحوسبة الكمومية وجدواها الاقتصادية في المرحلة المقبلة.  وتشير التقديرات الأكاديمية والبحوث الصناعية إلى أن الحوسبة الكمومية أصبحت واقعًا علميًا مثبتًا، لكنها لا تزال في مراحلها الأولى من التطوير التجاري. فبرغم نجاح التجارب المخبرية على أنظمة محدودة، لا تزال قابلية التوسع للإنتاج الضخم تمثل تحديًا جوهريًا. تحقيق حواسيب كمومية قادرة على الأداء العملي يتطلب استثمارات مالية ضخمة تُقدّر بعشرات إلى مئات المليارات من الدولارات. و تعمل شركات كبرى مثل غوغل وآي بي إم، إضافة إلى شركات ناشئة متخصصة مثل PsiQuantum، على تطوير تقنيات تُمكّن من توسيع نطاق الحوسبة الكمومية بطريقة تحقق الكفاءة من حيث التكلفة والمردودية الاقتصادية. ويرى خبراء السوق أن الهدف النهائي يتمثل في الوصول إلى نموذج اقتصادي مستدام يجعل من هذه التكنولوجيا مصدر ربح وليس مجرد إنجازٍ علمي. غالبًا ما تعلن بعض الشركات عن تطبيقات تجارية للحوسبة الكمومية، إلا أن معظم هذه الاستخدامات تقتصر حتى الآن على مسائل تحسين الأداء التي يمكن معالجتها بالحواسيب العملاقة التقليدية. أما الحواسيب الكمومية القادرة على إجراء عمليات علمية معقدة بسرعة تفوق الأنظمة الحالية، فما تزال قيد البحث والتطوير. ويرى محللون أن دخول الحكومة الأمريكية في هذا المجال، إذا تم، قد يشكل نواة لمشروع وطني علمي يوازي في أثره برامج الفضاء التاريخية. فإطلاق مبادرة على مستوى اتحادي لبناء حاسوب كمومي واسع النطاق خلال فترة خمس سنوات من شأنه أن يعزز التفوق التكنولوجي الأمريكي ويحقق عوائد اقتصادية طويلة المدى من خلال الابتكار والنمو في قطاعات جديدة، أكثر من أي مكسب مالي مباشر من أسهم الشركات.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading